في الغابة الفريدة حيث تعيش الحيوانات في سلام وانسجام، تبدأ قصة الغزالة الذكية والصياد الماكر، وهي من أجمل القصص الهادفة للأطفال التي تعلمنا معاني الشجاعة، والذكاء، والتعاون في مواجهة الشر والخيانة.
تدور أحداث القصة حول الغزالة "رمانة" التي استخدمت عقلها وذكاءها لإنقاذ أصدقائها الحيوانات من الصياد الشرير والحارس الخائن، وتعلمنا من خلالها أن القوة وحدها لا تكفي لتحقيق العدالة ما لم تُستخدم بحكمةٍ وذكاءٍ وبروح التعاون.
تابع معنا أحداث القصة المثيرة لتكتشف كيف استطاعت الحيوانات أن تتحد لهزيمة الشر في النهاية.
بداية قصة الغزالة والصياد الماكر
في إحدى الغابات الإفريقية البعيدة كانت تعيش الحيوانات في سلام وهدوء، منذ أن اتفقوا على ترك الحرب في ما بينهم، ووضعوا قوانين عادلة للغابة بدأ الجميع على الفور باحترامها وتنفيذها، أصبح الكل له حقوق وعليه واجبات، ولتجنب دخول الصيادين والغرباء قامت الحيوانات ببناء سور متين حول الغابة، وجعلوا له خمسة أبواب تغلق كل مساء وتفتح في الصباح الباكر.
وفي يوم من الأيام خرجت الغزالة رمانة برشاقتها المعتادة لتأكل بعض الأعشاب الخضراء ثم تذهب إلى النهر للشرب من مياهه العذبة، وقد كانت سعيدة بجمال جو الصباح المنعش، ولكن بينما كانت تسير فجأة لمحت بين الأشجار صيادًا ماكرًا، وعلى ما يبدو أنه قد تسلل إلى الغابة للصيد بطريقة ما.
وفي مكان غير بعيد رأت الغزالة رمانة ما ينظر إليه الصياد وهو وحيد القرن، كان من السلالة التي أوشكت على الانقراض فلم يبقَ إلا هو وزوجته، فقررت الغزالة إنقاذه من أيدي الصياد بطريقة ذكية، وبدلًا من الهرب بعيدا قامت بالجري خلف الشجر الكثيف وبدأت تحرك أوراق الشجر فأصدر صوتًا مرتفعًا للغاية، وانتبه وحيد القرن إلى ما يحدث ورأى الصياد يتجهز للصيد فهرب سريعًا.
وهنا نظر الصياد إلى رمانة الغزالة بكل غضب بعدما أفسدت عليه صيده، وجرى وراءها محاولًا اصطيادها ولكنه فشل وأقسم على العودة مرة أخرى.
أما وحيد القرن فقد ذهب مسرعا وحكى لكل حيوانات الغابة حكاية الصياد ما فعلته الغزالة لتنقذه، فنالت إعجاب جميع الحيوانات لشجاعتها وذكائها، وقرروا مساعدتها وحمايتها من مخالب الصياد الماكر.
قصة مكيدة الصياد.. وإنقاذ الغزالة
في اليوم التالي، كانت الأجواء هادئة في الغابة ولا توحي بالغدر، خرجت الغزالة كعادتها كل يعمل ولكن وقعت فجأة في إحدى الحفر التي نصبها الصياد لها، فرح الصياد بالغنيمة، ولكنه كان بعيدًا عنها مسافة كبيرة لكي لا تراه فقرر الدوران حول الغابة للوصول إليها، وفي تلك الأثناء كانت رمانة تبكي بشدة وتصرخ لعل أحدهم يسمعها ويأتي لينقذها.
سمعت العصفورة "سالي" صراخ الغزالة فذهبت إليها، ولكن كانت العصفورة صغيرة الحجم ولم تستطع تقديم أي مساعدة، ونظرًا لذكاء الغزالة فقد قامت برسم خطة للخروج من الحفرة وأمرت العصفورة التي نفذت كل ما قيل لها.
انطلقت العصفورة مسرعة وعادت بعد دقائق ومعها الفيل الضخم المحبوب، فقامت الغزالة بالتعلق بخرطومه وقام بسحبها، وفي تلك الأثناء وصل الصياد ليجد أمامه فيلًا ضخمًا ينظر إليه بكل غضب فهرب مسرعًا، وهو لايزال ينوي العودة مرة أخرى.
على الرغم من حب الحيوانات لبعضهم البعض في تلك الغابة الفريدة إلا أن هناك دائمًا من يوجد في قلبه الكثير من الغدر والخيانة، ولقد كان "شلهوب" أحد كلاب الغابة العملاق الذي خصصته الحيوانات للحراسة، ولكنه كان يتصف بالخبث وعدم حبه للآخرين.
وقد استغل الصياد تلك الصفة في شلهوب للدخول إلى المحمية، حيث يقدم له بعض اللحم في كل مرة مقابل خيانة الأمانة وإدخاله للصيد، وبعد عدة أيام كانت الغزالة ترغب في تناول الطعام فخرجت في ترقب وهي تأخذ حذرها، وهنا قابلها شلهوب الكلب متبسمًا في خبث قائلًا:
مرحبا أيتها الغزالة الجميلة، لقد علمت ما حدث لكِ وما فعل الصياد، وأنا هنا لمساعدتك على إيجاد طريق آمن يوصلك للطعام دون التعرض للخطر، ولأن الغزالة كانت طيبة القلب للغاية فقد وثقت بكلامه وذهبت معه مطمئنة، ولكن وبعد دقائق شعرت رمانة بأمر مريب من نظرات الكلب، فأدركت أن هناك خيالًا يراقبها من بعيد.
فكرت الغزالة سريعًا فقررت الهروب، وحين رآها الكلب تحاول الفرار هجم عليها وجرى وراءها، وفي الناحية الأخرى رأى الصياد ما حدث فعمد إلى إطلاق النار عليها، ولكن الجزاء كان من جنس العمل، فقد أصابت الرصاصة الكلب شلهوب، وهربت الغزالة رمانة وهي تتأسف على خيانة الكلب الذي نال عقابه على إثر الغدر والخيانة.
قصة اتحاد حيوانات الغابة للقضاء على شر الصياد
قصة الغزالة والصياد لم تنتهِ عند هذا الحد، حيث لم يَكُفَّ الصياد عن تلك المحاولات الملتوية لقتل الغزالة والحيوانات التي تساعدها، حيث قد شاهد القرد "نسنوس" الصياد من أعلى الشجرة وهو يقوم بوضع عشرات الفخاخ للنيل منهم، فأخبر الجميع عن تلك الخطة الشريرة.
وطفح كيل الحيوانات من شر هذا الصياد الذي لا ينتهي، فقرروا وضع خطة محكمة لمعاقبته هلى على ما يفعله، وفي اليوم التالي، سمع الصياد صوت الغزالة وهي تأكل بعض العشب، فشعر بأنها فرصته الذهبية للنيل منها فذهب إليها بسرعة، والغريب في الأمر أن رمانة لم تتحرك، وكلما اقترب الصياد بقيت ساكنة في مكانها وكأنها تخبره أنها لا تخشى المواجهة.
جاءت اللحظة الحاسمة عندما كان الصياد يقف أمام الغزالة وجهًا لوجه وكأنهما في حلبة للقتال، وفجأة شعر الصياد بهزة أرضية مخيفة تحدث تحت أقدامه، فصرخ خائفًا بعدما طارت أوراق الأشجار من الأرض والتي قد وضعتها العصفورة سالي، وظهرت الحفرة التي كان قد حفرها الصياد من قبل.
أوشك الصياد على الوقوع في الحفرة إلا أنه تجنبها قليلًا ونجا منها، فضحك في خبث وأمسك البندقية لقتل الحيوانات، ولكنه شعر بهواء غريب يصدر من خلفه، فنظر في حذر ليجد وحيد القرن ينظر إليه في تحدٍ، ولم يلبث أن دفعه خطوة للأمام فسقط الصياد داخل الحفرة.
تأكدت الحيوانات أن الصياد لن يتراجع عن مهاجمة الغابة في كل مرة، فقرروا وضع نهاية قصة الغزالة والصياد الماكر واتفقو على تركه في الحفرة ليجد مصيره جزاء على أفعاله.
بعد انتهاء تلك المعركة جلس الأصدقاء في احتفال جميل لتخليد ذكرى انتصارهم على ظلم الصياد وخيانة الكلب، وعلم كلٌّ منهم أن القوة لا تكون كافية لتحقيق العدالة دون وجود صفة الذكاء والتعاون بين الأصدقاء، فدائمًا ما يجب أن نستخدم العقل ونتعاون لمساعدة الآخرين.
العبر المستفادة من القصة
الذكاء والشجاعة هما أقوى سلاح في مواجهة الخطر.
التعاون بين الأصدقاء يجعلهم قادرين على التغلب على أي عدو.
الخيانة لا تجلب لصاحبها إلا الندم والعقاب.
التسامح لا يعني الثقة العمياء، فالحذر مطلوب دائمًا.
العدالة تنتصر دائمًا في النهاية مهما طال الظلم.